الجمعة، 26 أبريل 2019

الشعر ديوان العرب

الشعر ديوان العرب
============
قديما قال أبو فراس الحمداني ( الشعر ديوان العرب وعنوان الأدب ) ، وللشعر مع العرب ألف ديوان وديوان ففيه جلاء همهم و زوال سأمهم ومجال فخرهم وموضع فرحهم ووسيلة تعبيرهم عن حزنهم وشوقهم.
وقد عد أهل الضاد الشعر ( علم من علوم العرب ) وعرّفوه بـأنه ( النظم الموزون ، وحده ما تركّب تركباً متعاضداً، وكان مقفى موزوناً ) ، و أعتبروا ان ما خلا من هذه القيود أو بعضها لا يسمى شعراً ولا يعد قائلها شاعراً ، وعلى هذا اشترطوا في الشعر أربعة أركان ( المعنى والوزن والقافية والقصد) ، وقد قالوا عن الشعر ( فيه الحق والصدق والحكمة وفصل الخطاب، وأنه مجنى ثمر العقول والألباب، ومجتمع فرق الآداب، والذي قيد على الناس المعاني الشريفة، وأفادهم الفوائد الجليلة ، وترسل بين الماضي والغابر، ينقل مكارم الأخلاق إلى الولد من الوالد، ويؤدي ودائع الشرف عن الغائب إلى الشاهد، حتى ترى به آثار الماضيين مخلدة في الباقين، وعقول الأولين مردودة في الآخرين، وترى لكل من رام الأدب وابتغى الشرف وطلب محاسن القول و الفعل منارا مرفوعا، وعلما منصوبا، وهاديا مرشدا، ومعلما مسددا، وتجد فيه للنائي عن طلب المآثر والزاهد في اكتساب المحامد داعِياً ومُحَرِّضاً، وَلاعِثاً وَمُحَضِّضاً، وَمُذَكِّراً وَمُعَرِّفاً، وَواعِظاً وَمُثَقِّفاً ) .
ولشدة عشق العرب للشعر منذ أيام الجاهلية الأولى إنهم علقوا القصائد الشهيرة والتي ذاع صيتها بالكعبة وأسموها المعلقات ، نظراً لإعتبارها مثل العقود النفيسة تعلق بالأذهان والعقول ، ويقال إن هذه القصائد كانت تكتب بماء الذهب حيث كانت تعد أروع وأنفس ما قيل في الشعر العربي القديم لذلك اهتم الناس بها ودونوها وكتبوا شروحا لها.
وعن المعلقات يقول صاحب العقد الفريد إبن عبد ربه الأندلسي : ( وقد بلغ من كلف العرب به ) أي الشعر (وتفضيلها له أن عمدت إلى سبع قصائد تخيّرتها من الشعر القديم ، فكتبتها بماء الذهب في القباطي المدرجة ، وعلّقتها بين أستار الكعبة ، فمنه يقال : مذهّبة امرئ القيس ، ومذهّبة زهير ، والمذهّبات سبع ، وقد يقال : المعلّقات)
والباحث في المعنيين اللغوي والإصطلاحي للمعلقات يكتشف وضوح الروابط بينهما فهي قصائد نفيسة ذات قيمة عظيمة، بلغت قمة الإتقان في اللغة ، وفي الخيال والفكر ، وفي الموسيقى وفي نضج التجربة ، وأصالة التعبير ، ولم يصل الشعر العربي إلى ما وصل إليه في عصر المعلّقات من غزل امرئ القيس ، وحماس المهلهل ، وفخر ابن كلثوم ، إلاّ بعد أن مرّ بأدوار ومراحل إعداد طويلة.
وقد كان العرب في الجاهلية يجتمعون في كل سنة شهراً في سوق عكاظ يشترون ويبيعون ويتناشدون الشعر، حيث يأتي الشعراء الى عكاظ بقصائدهم لتعرض على محكمين من كبار الشعراء، وقد سمي عكاظ بهذا الاسم لأن العرب كانت تجتمع فيه فيتعاكظون أي يتفاخرون ويتناشدون الشعر.
وكانت القبائل العربية تفتخر أكبر الفخر إذا برز من بين أبنائها شاعر مبدع، فالشعر يرفع من شأن قبيلة ويحط من قيمة قبيلة أخرى ، وفي صدر الإسلام كان الشعر وسيلة من وسائل الدفاع عن الإسلام والرسول الكريم ضد المشركين ، كما كان الشعر في عهد بني أمية وفي العصر العباسي ، وسيلة من وسائل الفرق والمذاهب السياسية والفكرية المتنازعة لتبليغ آرائها ونشرها والدفاع عن مبادئها في مواجهة خصومها وأعدائها.
واستمرالشعر العربي بالتطورعلى مر العصور ككائن حي يتميز بكل خصائص وعناصرالحياة ، وكان له دوربارز في الحياة الأدبية والفكرية والسياسية ، وبرزت في الشعر فنون جديدة من حيث المضمون والأسلوب واللغة، ومن حيث الأوزان والقوافي ، وظهر إلى جانب شعر الوصف، وشعر الأطلال، وشعر الغزل العذري، الشعر السياسي، والشعر الصوفي، والشعر الاجتماعي والوطني، وشعر الموشحات، والشعر الحديث الذي عد ثورة على قيود الشعر العربي التقليدية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق